11 - 05 - 2025

وجهة نظرى| ملياردير بدرجة إنسان

وجهة نظرى| ملياردير بدرجة إنسان

يقولون وبحق أن راس المال جبان، وأنه لا قلب لصاحبه.. لكن يبدو أن بعضا من مليارديرات أمريكا أرادوا أن يثبتوا العكس، ربما لغرض فى نفس يعقوب لايبدو لنا جليا وربما تكشف الأيام يوما عنه، فالتجارب علمتنا أن حدأة هؤلاء لاتقذف للبسطاء أجمل الكتاكيت.

وبغض النظر عن نوايانا السيئة وسوء ظننا الذى غالبا مايكون فى محله خاصة بكل مايتعلق باصحاب الثروات الضخمة فما بالنا بمن يتبوأون المراكز الأولى على كرتنا الأرضية البائسة.

وبعيدا عن عيون الحاقدين والحاسدين والمتربصين وإمعانا فى إظهار جانبهم الإنسانى الطيب، عكس ماتصوره الافلام وتتهكم عليهم الاقلام، قرر بعض من هؤلاء تقديم خطاب مفتوح لمرشحي الإنتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها عام2020 يطالبون فيه زيادة ضريبة الثروات المفروضة على فاحشى الثراء بهدف تعزيز المساواة ومكافحة التغير المناخى!!

موقف غريب يصيبنا بالدهشة والحيرة أكثر ما يصيبنا بالإعجاب.. لا يبدو سهلا علينا الإقتناع بالمبررات التي ساقها أبرز الاثرياء تفسيرا لمشروعهم المثير، والتى ساقوها فى معرض خطابهم المفتوح الذى أكدو فيه على مسئوليتهم الأخلاقية والإقتصادية التى تفرض عليهم حث الإدارة الأمريكية على فرض المزيد من الضرائب على ثرواتهم لتحقيق المساواة وإبطاء وتيرة تركز الثروات المتزايد الذى يقوض الإستقرار، بحسب وصفهم كما نشره موقع البي بي سى .

والأغرب أنهم إعترفوا بتدخلهم فى تمرير القرارات السياسية معترفين بصراحة يحسدون عليها بأنه نادرا ما تمرر تلك السياسات دون دعم من النخب الثرية وبما يحقق مصالحها وهو ما يعزز الإنقسام داخل المجتمع ويزيد من حالة السخط والإحساس بعدم المساواة، ويخلق حالة من عدم الثقة فى المؤسسات الديمقراطية!

حالة الإندهاش والإنبهار بموقف هؤلاء الأثرياء يتضاعف، عندما نتوقف عند ابرز الاسماء التى تبنت ووقعت هلى هذا المشروع، منهم جورج سوروس ذلك الثرى المعروف رجل الأعمال الاشهر والمستثمر صاحب الأعمال الضخمة والخبير المالي والإقتصادى والمعروف بقيامه بالكثير من الأعمال الخيرية وإن كانت اتهامات البعض تطاله بالسعى لإحداث تدمير للحضارة الاوربية من خلال إغراق القارة بالمهاجرين وإن برر هو ذلك الدعم الذى يقدمه للمهاجرين بأنه جزء من مهمته الإنسانية. سوروس المقدرة ثروته بأكثر من 24 مليار دولار طالته ايضا إتهامات إسرائيلية بالتعاون مع النظام الإيرانى فضلا عن قيامه بتمويل المظاهرات التى تعترض على خطة الحكومة الإسرائيلية بترحيل الآلاف من طالبى اللجوء الافارقة.. ومن جانبه برر سوروس هذا العداء بدعمه لمنظمات حقوق الإنسان التي لاتكف عن توجيه الإتهامات الشديدة لإسرائيل بسبب أسلوبها فى التعامل الوحشى مع الفلسطينيين .

سوروس ليس وحده بالطبع من يتبنى المشروع الإنسانى المثير للدهشة، فمعه أكثر من ثمانية عشر مليارديرا أخرا منهم ورثة والت ديزني ومالكى سلسلة حياة وكريس هيوز الشريك المؤسس لفيسبوك ومولى مونجر إبنة الملياردير شارلي مونجر وغيرهم .

وفى محاولة لإبراء الذمة وإزالة أى شكوك حول نواياهم أكدوا أنهم لاينتمون لأى حزب ولايدعمون أى مرشح، وإن كان بعض الخبثاء توقفوا عند إشارتهم فى خطابهم المفتوح للملياردير وارن بافيت وقالوا أن مايدفعه من ضرائب أقل ممايدفعه مدير مكتبه!

هل هدفهم إذا تصفية حسابات وتسليط الضوء على منافس لهم. وهل ما يحركهم هو نوع من الغيرة أم أن الإشارة جاءت عفوية وبشكل عارض! ماازال الغرض الخفي فى نفس يعقوب يثير الشكوك! وإن كان ما يدحضها مبادرات أخرى إنسانية سبقهم إليها آخرون من الأثرياء، منها ماقام به الملياردير الصيني ليكاشينج بالتبرع بتحمل نفقات صف جامعى كامل من بداية إلتحاقهم وحتى تخرجهم لمدة تصل لخمس سنوات وبتكلفة تصل لمائة مليون يوان صيني أي مايعادل أربعة عشر مليون دولار.

مبادرات إنسانية مثير للغيرة وللحزن إذا ما قارناها رغما عنا بأثرياء مصر المدللين من قبل الحكومة التي لاتتوقف عن إجهاض أى مشروع يحاول المساس بثرواتهم أو فرض ضرائب تصاعدية على رؤوس أموالهم .

وللأمانة يرد هؤلاء الجميل للنظام بسخاء منقطع النظير، فلا يتوقفون عن تمجيده والتهليل والتطبيل لكل قراراته وشن الحملات المسعورة للنيل من معارضيه وخصومه.. حملات تستخدم فيها كل أسلحة الهجوم المحرمة أخلاقيا ، منها الخوض في الاعراض والسب والقذف وإصابة الخصوم فى مقتل لوأد أى صوت معارض، حتى لايعلو صوت فوق صوت النظام. رحم الله الثرى الإنسان الوطنى المخلص محمد فريد فلم يعد لأمثاله وجود فى وطننا المغبون.
--------------------
بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

قانون الإيجار القديم .. لغم لا يحمد عقباه